logo

الصحافة الفلسطينية تبحث عن الحرية في يومها العالمي ..!!

02/05/2023 الساعة 01:31 م
اليوم العالمي لحرية الصحافة

كتب : محمد جودة – رئيس التحرير

يصادف يوم الثالث من آيار/ مايو ، اليوم العالمي لحرية الصحافة ، وهي مناسبة للتأكيد علي أهمية الحريات الصحفية وفضح انتهاكات الحق في الرأي و التعبير وحرية الوصول للمعلومات وتداولها ونشرها وتملك وانشاء وسائل الاعلام، وهي مناسبة أيضا للتذكير بالدور البطولي للصحفيين حول العالم أثناء التغطية الصحفية ونقل الأخبار للجمهور.

لذلك تعتبر حرية الصحافة مطلباً إنسانياً واجتماعياً وفكرياً وسياسياً لكونها من أبرز سمات المجتمعات التي تؤمن بالتعددية والديمقراطية، ومدي ارتباطها بالقوانين والمواثيق واللوائح التي تؤكد على مبادئ الحرية وتلتزم بها، وتدعو إلي أوسع ممارسة لها في مختلف مناحي الحياة في المجتمع .

وقد اهتمت المواثيق الدولية بالحريات الصحفية، حيث بدأ ذلك بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بنص المادة (19)، كذلك تأكيد المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على تلك الحريات، أما فلسطينيا فقد تناول القانون الأساسي الفلسطيني المعدل الحريات الصحفية في المادة (19)، ونص على حرية الرأي والتعبير بالنشر والقول والكتابة والأشكال المختلفة، وفي المادة (27) تناول تأسيس الصحف وسائر وسائل الإعلام وحريتها، وتناولها قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني (رقم 9 لسنة 1995م) في المادة (2)، وناقش الحريات في أكثر من مادة فيه، رغم الانتقادات التي وجهت له لتقييده بعض الحريات الصحفية في المادة (37) منه.

وجاء الاهتمام بالحريات الصحفية كثمرة لاحترام الصحافة ودورها في المجتمع، وحق الصحفيين في ممارسة عملهم الرقابي على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كسلطة رابعة، والحريات الصحفية هي: حرية الرأي والتعبير، وحرية وصول الصحفيين للمعلومات وتداولها والحق في الاحتفاظ بالمصادر وسريتها، والحق في تملك وإنشاء وسائل الإعلام المختلفة ، وبالتالي أصبحت هذه المفاهيم حقوق للإنسان يترتب عليها واجبات من السلطة الحاكمة والأطر الصحفية المختلفة.

وبالرغم من أن للمجتمع الفلسطيني خصوصية كونه يقع تحت وطأة الاحتلال منذ العام 1967م، ويعاني من آثار الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي وقع في العام 2007م، إلا ان الحريات وصلت للحد الأدنى من الاحترام خلال سنوات الانقسام، فارتكبت العديد من الانتهاكات ، وترتب على ذلك وجود جسمين للسلطة، وغيبت المؤسسات الفلسطينية الموحدة كالمجلس التشريعي والأجهزة الأمنية والوزارات والمؤسسات الحكومية، مما أدي لارتكاب الكثير من الانتهاكات بحق الصحفيين و الحريات الصحفية و توفير الحماية لهم ، سواء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أو من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة.

لاشك أن الحريات الصحفية في فلسطين تعيش حالة متدنية وانتهاكات جسيمة ومتنوعة ، في الضفة الغربية وقطاع غزة علي حدٍ سواء ، فالاحتلال يواصل انتهاكاته بحق الصحفيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية أثناء عملهم، ويصادر حقهم في الرأي والتعبير والوصول إلى المعلومات والتغطية الصحفية ، فيوقع الشهداء والجرحى بين الصحفيين الفلسطينيين، والتي كان آخرها استشهاد أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص الاحتلال الإسرائيلي ، إضافة لممارسة سياسة الاعتقال بحق الصحفيين ومنعهم من التنقل وحرية الحركة والسفر للمشاركة في دورات تدريبية أو لتغطية مؤتمرات وأحداث دولية، والاعتداء عليهم بالضرب وتخريب معداتهم، واغلاق المؤسسات الصحفية والعبث في محتوياتها، وغير ذلك من الانتهاكات والإجراءات التي تمسّ الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم بشكل مباشر.

ومن جهة ثانية فإن الانقسام الفلسطيني عطل دور المجلس التشريعي الفلسطيني وبالتالي ساهم في ضياع الحريات الصحفية وحقوق الصحفيين، وأدي لقيام قوى الأمن الفلسطيني في كل من الضفة وغزة ، لارتكاب الكثير من الانتهاكات والمخالفات لحرية الصحافة باستخدام تقييدات القانون، بدعوي المصلحة العامة والتي يقصد بها مصلحة السلطة الحاكمة هنا أو هناك، مما زاد ذلك من تقييد حرية الصحفيين ومنعهم من التنقل والسفر واستخدام نهج القمع والاعتداء عليهم و ممارسة سياسة الاعتقال واستدعاء الصحفيين من قبل الأجهزة البوليسية ، وغير ذلك من الانتهاكات والمضايقات التي تهدد أمن الصحفيين وسلامتهم الشخصية.

ختاما أعتقد أنه آن الآوان لمطالبة المسؤولين كافة والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها وسلطتي الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بوضع حد لممارسات الاجهزة الأمنية تجاه الصحفيين ووقف حالة الاستمرار في الانتهاكات والمضايقات بحق الوسط الصحفي ، من خلال تجريم هذه الاعتداءات والانتهاكات التي تطالهم ونبذ كافة أشكال الاعتقال والاعتداء عليهم أو أي فعل من شأنه أن يصادر ويقيد حقوقهم ، وهو أمر يحتاج إلا تغيير ثقافة ونهج العقلية الأمنية لدي الأجهزة البوليسية وهواجسها تجاه الصحفيين والمؤسسات الصحفية ،وهذا بدوره له أهمية بالغة في تعزيز مبدأ الحريات الصحفية ويسهم في خدمة مسيرة البناء الوطني والتعددية الديمقراطية داخل المجتمع الفلسطيني.

اقرأ أيضا

عاجل