كتب:محمد جودة - رئيس التحرير
منذ هروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع الإسرائيلي عبر نفق في 6 سبتمبر/أيلول 2021، كان أحدهم ينتمي لحركة "فتح" والبقية لـ"الجهاد الإسلامي"، ظهرت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها "كتيبة جنين" وينتمي أعضاؤها إلى مختلف الفصائل الفلسطينية.
في ذلك الحين خشيت إسرائيل من استنساخ تجربة جنين في المدن الفلسطينية، إلى أن ظهرت "عرين الأسود" التي كانت لها جذور بمسميات أخرى مثل "كتيبة نابلس" .
و على مدار الأسابيع الماضية تصدر اسم "عرين الأسود" في مدينة نابلس بالضفة الغربية عناوين الأخبار في وسائل الإعلام المحلية و العربية والعالمية بعد أن أقضت بهجماتها مضاجع دوائر صنع القرار الإسرائيلي أمنيا وسياسيا.
هذه المجموعة التي ظهرت عام 2022 في البلدة القديمة بمدينة نابلس، وتكوّنت من مسلحين يتبعون عدة فصائل فلسطينية، وجمعت بين كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة (فتح)، وسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة (حماس)، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما أنها تضم أعضاء سابقين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بدأت بوادر عملياتها منذ فبراير/شباط عام 2022، عندما لاحظ جهاز أمن الاحتلال ارتفاعا ملحوظا في عمليات إطلاق النار على أهداف عسكرية إسرائيلية في محيط نابلس.
في الثالث من سبتمبر/أيلول الماضي، ظهرت "عرين الأسود" على شكل مجموعة منظمة من عشرات المسلحين، وقالت حينها "بنادقنا لن تُصدِر رصاصة في الهواء عبثا، وجهتنا الوحيدة هي الاحتلال". وأضافت أن "إطلاق النار في الهواء خروج واضح عن الصف الوطني". مخاطبة أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ، بأن هذا السلاح وجهته الوحيدة هي الاحتلال وعملائه فقط".
وكان أشهر بيانات "الأسود" العسكرية، بيان ليلة اقتحام الاحتلال لمدينة نابلس، قبل يومين، فقالت العرين وسط الاشتباكات التي تدور في المدينة والأنباء التي تتوارد عن حصار وحدة إسرائيلية خاصة داخل البلدة القديمة "من أراد العز، فالعز هنا شامخ، ما بين حدّ وزناد.. حان وقت خروج الأسود من عرينها.. حي على الجهاد".
وتذكر "الأسود" في بياناتها أيضا جملة "من سيحاصر من؟" في إشارة إلى الحصار الذي فرضه الاحتلال على مدينة نابلس منذ 17 يوما على التوالي.
إن مجموعة "عرين الأسود" أصبحت واحدة من أبرز المجموعات المسلحة في الضفة والتي لا تنتمي لأي فصيل سياسي.
وأصبح القضاء على هذه المجموعة أحد أبرز أهداف الجيش الإسرائيلي في ظل تصاعد قوتها العسكرية وحاضنتها الشعبية ، وهو ما يؤكد تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس ، في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما قال إن نابلس وجنين تشكلان "تحديا كبيرا" لجيشه ، وتوعد بالقضاء على "عرين الأسود"، واعتبر أن "نابلس وجنين هما السبب في تعزيز القوات الإسرائيلية والجهود الاستخبارية في الضفة".
الأمر اللافت أنه و بعد الهجوم الإسرائيلي على مدينة نابلس قبل يومين، نعت مجموعة عرين الأسود ستة شهداء قالت إنهم "من أبناء العرين وكتيبة بلاطة وكتيبة نابلس".
و دعت مجموعات العرين الفلسطينيين للنزول الى الشوارع لدعمهم، و بعد دقائق كانت شوارع فلسطين كلها وبعض مخيمات الشتات تعج بالبشر الذين لبوا النداء في مشهد لا يفسر سوى بأنه استفتاء شعبي على هذا النهج الثوري.
ختاماً فإن الأمر المؤكد أن ميلاد عرين الأسود بات ظاهرة لثورة فلسطينية جديدة ضد الاحتلال ، وأن الفصائل السياسية التقليدية في فلسطين لم تعد تحرك الشارع وليس لها تأثير حقيقي وسط الجماهير الفلسطينية ، وأن الفلسطينيين يرون في العرين ميلاد جديد لمرحلة ثورية جديدة ، ميلاد لأيقونة نضالية وكفاحية يلتف حولها الجماهير بإنتماء وطني حقيقي وصادق لا يرتهن لسياسات ومصالح حزبية أو أجندات خارجية ، عرين الأسود هم شبان بوصلتهم النضال الوطني الحقيقي ضد المحتل ، تمردوا علي فصائل فلسطينية عاجزة بعدما أصابها التكلس وأصبحت عبئاً علي القضية الوطنية .